Thursday, July 14, 2011

التغيير في السودان: لماذا أصبح حتمياً؟


محمد جلال هاشم

(مقال اعتذرت الجزيرة.نت عن نشره منتصف شهر فبراير 2011م)

حتمية التغيير

لواحدٍ وعشرين عاماً، وعبر انقلاب عسكري، ظل الإسلاميون يحكمون السودان دونما معارضة مدنية ملموسة، الأمر الذي لا يترك لهم فرصة للتحجج بأي تخذيل داخلي قد يكون سبباً في عدم تمكنهم من تحقيق ما جاؤوا من أجله. وقد شهدت سنوات حكمهم تدهوراً في كلّ شيء، بما في ذلك الوحدة الوطنية والسيادة على الأرض. واليوم بعد هذه الأعوام، أصبح من الواضح أن تسونامي التغيير الذي بدأ يكتسح المنطقة لا محالة سيطول نظام الحكم في السودان. فلماذا يا ترى أصبح تغيير نظام الحكم بالخرطوم أمراً حتمياً؟

دعونا نقوم بجرد حساب لنظام الخرطوم خلال هذه السنوات الواحدة والعشرين، وذلك باستعراض البيان الأول للانقلاب الذي أذاعه وقتها العميد عمر حسن البشير في معرض تبريره لقيامهم بالانقلاب. وهو الانقلاب الذي قام الإسلاميون بتدبيره دون أن يملكوا الجرأة أو الشجاعة للاعتراف به. فحسبما قاله زعيم الإسلاميين بالسودان ومهندس الانقلاب، الدكتور حسن الترابي: "قلت له [أي لعمر البشير]، إذهب أنت إلى القصر وأذهب أنا إلى السجن" وذلك تحرياً لخداع الشعب، بما يعني أن الشعب ما كان ليسمح باستيلائهم على السلطة لو هم أقرّوا بأنهم يقفون خلف ذلك الانقلاب. وقد ظل قادة الانقلاب ينفون بأغلظ الإيمان أن يكون الإسلاميون هم الذين دبروا الانقلاب. لهذا اختفى قيادات التنظيم الإسلامي، وقبعوا خلف الكواليس لحوالي عام، ثم شرعوا في الظهور رويداً رويدا.

ما سنقوم به هو مقارنة ما عليه الحال الآن ببعض مقاطع وردت في ذلك البيان الانقلابي الأول الذي أذاعه حينها العميد عمر البشير قائد الانقلاب.

الحرب الأهلية

جاء في البيان الأول، صباح 30 يونيو 1989م للعميد وقتها عمر البشير، أن "العبث السياسي" كان من أهم الأسباب التي دفعتهم للقيام بانقلابهم، ذلك لأنه "... قد أفشل الحرية والديمقراطية وأضاع الوحدة الوطنية بإثارته النعرات العنصرية والقبلية في حمل أبناء الوطن الواحد السلاح ضد إخوانهم في دارفور وجنوب كردفان علاوة على ما يجري في الجنوب في مأساة وطنية وسياسية".

وقتها لم تكن الحرب الأهلية قد اندلعت في دارفور، إذ لم تتجاوز حد النزاعات القبلية. بعد ذلك في أخريات تسعينات القرن العشرين سوف تندلع الحرب الأهلية بدارفور لتصبح محرقة تحصد ما تقديره حوالي 300 ألف قتيل مدني، حسب الأرقام المعترف بها عالمياً، وذلك جراء حرب بالوكالة قامت بها جماعات عربية استقدمتها حكومة البشير من بلدان مجاورة. خذخ هي المحرقة التي أقر الرئيس عمر البشير بأن عدد ضحاياها لم يتجاوز العشرة آلاف ضحية فقط! هذا دون أن نُشير إلى العديد من المزاعم عن الاغتصاب وتقتيل النساء والعجّز والأطفال.

وكذلك لم تكن حرب الجنوب تُدار بوصفها جهاداً من المؤمنين ضد الكفار، مثلما فعلت حكومة البشير، كما لم يكن الجنوب يطالب بتقرير المصير عبر إغراء حكومة البشير لفصائله لتنحو هذا المنحى المطلبي الذي قاد إلي تفتيت وحدة البلاد. وقد صاحبت تلك الحرب اتهامات قوية من جهات وطنية ودولية لحكومة الخرطوم بإعادة إحياء مؤسسة الرق، حيث تم رصد العديد من الحالات التي تم فيها استرقاق الجنوبيين من قبل أناس مجموعات مستعربة.

كما لم تكن الحرب الأهلية قد انتشرت إلى مناطق الشرق وباقي مناطق السودان مثل جبال النوبة بجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق. ففي عام 1989م، عندما جاء انقلاب العميد عمر البشير، كانت الحرب محصورة في جنوب السودان فقط؛ هذا بينما انتشرت إلى جميع أقاليم السودان بأخريات عام 1999م باستثناء أقصى شمال السودان، وهو الذي يشهد الآن احتقاناً حاداً يتوقع الكثير من المراقبين انفجاره بين لحظة وأخرى.

السيادة على الأرض

وجاء في البيان الأول أن البلاد "... أصبحت .. عرضة للاختراقات والاستلاب من أطرافها العزيزة ..."؛ وجاء قوله أيضاً: "... تلبية لنداء الواجب الوطني الأكبر في إيقاف التدهور المدمر ولصون الوحدة الوطنية في الفتنة والسياسة وتامين الوطن وانهيار كيانه وتمزق أرضه ...".

هذا مع أن مثلث حلايب على البحر الأحمر حتى تلك اللحظة كان تحت السيادة السودانية واليوم هو تحت السيادة المصرية لدرجة تعذر إجراء التعداد السكاني والانتخابات بالمثلث. ويرى أكثر المراقبين السياسيين السودانيين أن حكومة عمر البشير تنازلت عن حلايب سراً لمصر مقابل أن تغفر لها الأخيرة تورط الخرطوم في مؤامرة اغتيال حسني مبارك بالعاصمة الإثيوبية في 1995م، وذلك ضمن صفقة أكبر بوجبها تنال مصر حوالي 6 مليون فدان في الحوض النوبي بشمال السودان لمدد قد تبلغ 99 عاماً لاستزراعها بالمياه الجوفية الغنية بالحوض، فضلاً عن توطين ملايين المصريين (بعيد انفصال الجنوب مباشرةً صرّح البشير بأن البلاد على استعداد لاستقبال 10 ملايين مصري).

كما كانت منطقة الفَشَقة الكبرى على الحدود الإثيوبية لا تزال على تحت السيادة السودانية، بينما هي الآن تحت السيادة الإثيوبية. وكذلك يرى أكثر المراقبين السياسيين السودانيين أن حكومة عمر البشير قبلت أن تتنازل عنها سراً لإثيوبيا، مقابل أن تغض الأخيرة الطرف عن ذات مؤامرة اغتيال حسني مبارك، فضلاً عن عدم إيواء المعارضة السودانية.

وكذلك كان مثلث إليمي المطل على بحيرة توركانا (بحيرة رودولف سابقاً) على الحدود السودانية الإثيوبية الكينية لا يزال تحت السيادة السودانية، بينما هو الآن تحت السيادة الكينية، عبر صفقة مماثلة، حسبما يرى أغلب المراقبين الوطنيين.

ثم ماذا نقول في البلد التي استلمها عمر البشير ومساحتها مليون ميل مربع، وقد أصبحت الآن حوالي 600 ألف ميل فقط؟ ماذا نقول يا سيادة الرئيس الذي استلم السلطة بليلٍ نيابةً عن تنظيم الإخوان المسلمين، ثم اجترأ بأن أعلن على رؤوس الأشهاد أنه لا علاقة لذلك التنظيم بهذا الانقلاب (والعرب تقول بأن كذبة المنبر بلقاء) ـ ماذا نقول وقد استلمتها بدعاوى الدفاع عن السيادة والأرض، والسودان اليوم تتآكل أطرافه؟ لقد أقسمت بأغلظ الأيمان أنك لن تسمح لأي قوة عسكرية خارجية أن تطأ تراب الوطن طالما أنت حي، ثم أردفت بأن حلفت بالطلاق، وها هي الجيوش الأممية تملأ علينا شوارعنا!

الخدمة المدنية

كذلك جاء في البيان الأول: "لقد امتدت يد الحزبية والفساد السياسي إلي الشرفاء فشردتهم تحت مظلة الصالح العام مما أدي إلي انهيار الخدمة المدنية ولقد أصبح الولاء الحزبي والمحسوبية والفساد سبباً في تقديم الفاشلين في قيادة الخدمة المدنية وافسدوا العمل الإداري ...".

لقد قامت الإنقاذ بتشريد 300 ألف موظف من الخدمة المدنية بموجب الفصل للصالح العام، وذلك في العام الأول من حكمها، من بينهم ما يزيد عن 100 ألف من القوات المسلحة. وفي الحقيقة لا يمكن للمرء أن يتصور وضعاً سياسياً قامت فيه المجموعة الحاكمة بنحر دولاب الخدمة المدنية مثلما حدث في عهد الإسلاميين تحت حكم الرئيس عمر البشير. وقد نهضت حركة نقابية ربما الأولى من نوعها في العالم تطالب برد الاعتبار للمحالين تعسفياً من الخدمة المدنية.

أما عن الولاء الحزبي والمحسوبية، فقد قام نظام الإدارة والحكم في ظل حكم الإسلاميين والرئيس عمر البشير على قاعدة تقديم أهل الولاء على أهل الكفاءة، وهي قاعدة صرح بها الإسلاميون جهاراً بياناً حتى انغلق باب التخديم الحكومي وغيره على أهل الولاء على حساب أهل الكفاءة، بدءاً من دواوين الحكومة انتهاءً بالقطاع التجاري العام والجامعات، ثم بالقطاع التجاري الخاص، حيث لم يعد من الممكن لأي شخص أن يفوز بعطاء أو بالقيام باستيراد أي سلعة أو تصديرها ما لم يكن من أهل الولاء. ففي تاريخ البشرية خلال القرن العشرين لا يجد المرء حالة تمت فيها مصادرة تامة واختطاف كامل جهاز الدولة بقضه وقضيضه لصالح مجموعة أيديولوجية بعينها إلا في سودان الإسلاميين ثم في إسرائيل. فالخطوط البحرية السودانية يمكن أن يرأسها محاسب صغير بشركة أصغر؛ وبناء السدود يمكن أن يترك أمره لشخص مفصول من السنة الأولى بكلية الهندسة، طالما كانوا من الإسلاميين وأهل الولاء.

الفساد

وجاء في بيان الانقلاب أن الفساد السياسي والإداري قد استشرى: "... مما جعل الطبقات الاجتماعية من الطفيليين تزداد ثراء يوم بعد يوم بسبب فساد المسئولين وتهاونهم ...".

واليوم لا حديث للشارع السوداني غير فساد السياسيين واكتنازهم للمال وابتنائهم للدور العاليات، نهباً للمال العام. إذ تكفي نظرة عابرة لتقرير المراجع العام ليصاب المرء بالدهشة من حجم الفساد المعلن. وقد بلغ الاجتراء حداً أصبحت معه الصحف تتحدث يومياً عن فساد المسئولين وبالاسم، دون أن يحرك المعنيون ساكناً.

فقد تحدثت الأقلام عن الثراء الفاحش الذي بلغته أسرة الرئيس عمر البشير، وهم الذين عُرفوا برقة الحال قبل عهد حكم البشير. فقد تعالت الأصوات احتجاجاً على ابتنائهم لقرية فاحشة الثراء بمنطقة كافوري التي تعتبر من أغلى الأماكن بالعاصمة الخرطوم، وتهاديهم بعضهم البعض بالبيوت المفروشة وبالسيارات الفارهة. وكافوري هذا كان رأسمالياً حتى منتصف القرن العشرين، وكانت له مزرعة بنفس المكان فحملت اسمه، ثم تحولت في بدايات حكم الإسلاميين إلى منطقة سكنية غالية السعر. وكان والد عمر البشير يشتغل في تلك المزرعة كعامل يدوي حيث قام بتربية أبنائه وبناته من كدّه وعرقه بشرف وإباء. واليوم يبدو كما لو كان أبناء ذلك العامل الكادح قد تملكتهم طيلة سني حياتهم لوثة حقد طبقي إزاء الرأسمالي كافوري، فما إن أصبح ابنهم رئيساً للجمهورية حتى سعوا بأيديهم وأرجلهم كيما يحلوا في محل كافوري الرأسمالي؛ فليتهم جدّ منهم العزم كيما يصبحوا مثله بكدهم وعرقهم بمثل ما فعل والدهم وبمثل ما فعل كافوري نفسه.

ومن أوجه الفساد التي تملأ أشرعة الصحف والمجلات حكاية الأسمدة والمبيدات الزراعية الفاسدة في بلد زراعي كان ينبغي أن يصبح سلة غذاء العالم. فالمسئول عن هذه الأسمدة والمبيدات يمكن أن يكون هو رئيس اتحاد مزارعي المشروع المعني؛ وهو نفسه عضو بالمجلس الوطني (البرلمان) عن المزارعين؛ وهو نفسه رئيس المؤسسة المناط بها تسويق منتجات المشروع عالمياً؛ وهو نفسه رئيس اللجنة المسئولة عن المبيدات والأسمدة بوزارة الزراعة؛ ثم هو نفسه صاحب الشركة التي استجلبت هذه المبيدات والأسمدة منتهية الصلاحية. ثم ماذا يمكن أن يقول المرء إزاء المكافأة المالية التي نالها وكيل وزارة التربية (169 مليون جنيه سوداني بحسب العملة القديمة) بمناسبة الفراغ من امتحانات الشهادة السودانية، هذا بينما المعلمون يضربون بسبب عدم صرف استحقاقاتهم عن تصحيح الشهادة؟ ولتنظروا كيف كان الرد! إنه لا يستلم منها مليماً، بل يقوم مدير مكتبه بصرفها على المحتاجين! يا ساتر! 169 مليون جنيه!

تحفل الصحف يومياً بمثل هذه الفضائح، دون أن يكلف المسئولون أنفسهم بتقديم أي رد. كما لا يوجد برلمان تعددي، إذ يسيطر الإسلاميون عليه بنسبة 98% وذلك بعيد تزويرهم للانتخابات التي جرت في أبريل من 2010م. وقد بلغ التزوير حد ألا ينال مرشحون عديدون صوتاً واحداً في مركز الاقتراع الذي قاموا بالتصويت فيه بأسرهم وأنصارهم. وقد دفع هذا بالمراقبين إلى الإقرار بعدم نزاهة الانتخابات؛ متهمين الإسلاميين الحاكمين بإجراء تبديل منظم لصناديق الاقتراع.

التنمية

جاء أيضاً في بيان الانقلاب عن التنمية: "لقد تدهور الوضع الاقتصادي بصورة مزرية وفشلت كل السياسات الرعناء في إيقاف التدهور ناهيك عن تحقيق أي قدر من التنمية مما زاد حدة التضخم وارتفعت الأسعار بصورة لم يسبق لها مثيل ..."

تشير تقارير المراجع العام لسنوات أن حجم الصادرات السودانية لم تتجاوز 650 مليون دولار أمريكي منذ استقلال البلاد في عام 1956م إلى نهايات عام 1999م. ولكن منذ الشروع في تصدير البترول (في عام 1999م) ظل الصادر ينخفض حتى بلغ في بعض أعوام الألفية الثانية 350 مليون دولار أمريكي. ويعني هذا الانصراف تماماً عن جميع المشاريع التنموية والاعتماد كلياً على البترول. ولا غرو أن انهارت أضخم المشاريع التنموية بالسودان، الزراعية منها على وجه الخصوص. فمشروع الجزيرة (2 مليون فدان) انهار؛ وكذلك انهار مشروع خشم القربة الزراعي، كما انهار مشروع دلتا طوكر والقاش؛ كما انهارت تجارة الصمغ العربي مع عدم وجود أي منافس؛ وانهارت تجارة الحبوب الزيتية. ثم اختفت السكك الحديدة نهائياً من خارطة النقل والمواصلات بالسودان، وهو البلد الذي تبلغ مساحته (أو كانت تبلغ) مليون ميل مربع. فقد باعت الحكومة قضبان السكة حديد بالكيلو متر كحديد خردة.

أما عن ارتفاع الأسعار، فيكفي أن نشير إلى أن سعر الأرض 400 متر مربع بوسط الخرطوم لا يقل غلاءً من سعر الأرض بواشنطون ولندن وباريس. وعلى هذا فقِس! أما عن تنمية الموارد البشرية، فيكفي الإشارة إلى انهيار التعليم الأساسي والعالي الجامعي لدرجة أن العديد من الدول العربية والغربية لم تعد تعترف بالشهادات الجامعية السودانية، مع أن التعليم الجامعي بالطريقة الأوربية كان فخر السودان منذ الاستقلال.

الشريعة الإسلامية

لقد تم اختزال الشريعة الإسلامية في الجلد تعذيراً في أغلب الأحوال، وإجمالاً في قضايا شرب الخمر واللبس الفاضح للبنات وخلافه من سفاسف الأمور. هذا مع الترخص في الحدود من قطع وصلب ورجم (تم استبدال الحكم الأخير بعقوبة أقل قسوةً)، وذلك خشيةً من العالم الغربي. فكأن شريعة إسلاميي السودان لا علاقة لها بالعدالة وبإحقاق الحق وبسط العدل.

خاتمة البيان الانقلابي

في خاتمة بيانه الانقلابي يقول العميد (حينها) عمر حسن البشير داعياً الشعب السوداني لنصرة الحركة الانقلابية التي دبرها الإسلاميون: "... تدعوكم الثورة معها ضد الفوضى والفساد واليأس من أجل إنقاذ الوطن ومن أجل استمراره وطناً موحداً كريماً ...".

فماذا يا ترى ترك لدعاة الثورة ضد حكمه أفضل من ذات هذه الجملة كيما ينهضوا في ثورة الشعب السوداني الثالثة ضد الحكم العسكري الاستبدادي الفاسد، ضمن تسونامي الثورات الشعبية بالمنطقة؟

إن أخطر ما في هذا النظام أنه صدر أول أمره من حركة ليس في فكرها أي حرمة للأوطان، إذ لا تؤمن بالوطن، فالأرض عندها بحسب فكرها الملتاث للأرض يورثها من يشاء، في فهم معوج ومعتل للآية الكريمة. فقد بدأوا عهدهم باستجلاب شذاذ الآفاق، من تعرب وأفغان وكل ملتاثٍ بهوسة الدين، فأعطوهم الجنسية السودانية والجوازات الدبلوماسية. واليوم، بينما يرفع الشعب شعار: "الشعب يريد تغيير النظام"، يرفع النظام بدوره شعار: "النظام يريد تغيير الشعب"! فدارفور قد أبدلوا سكانها بشعبٍ مستعرب آخر أتوا به من النيجر؛ وشعب شمال السودان يريدون تغييره بملايين الفلاحين المصريين، وسوف يقومون بإفرغ المنطقة الشمالية من السكان تحت غطاء السدود التي يزعمون بناءها؛ أما في الشرق، فقد استقدموا مجموعات أريترية معروفة بهوسها الديني، وذلك لتحل محل البجا من السكان الأصليين؛ وكذلك يفعلون في النيل الأزرق، ولا عجب، فوزير الداخلية المسئول عن الجنسية والسجل المدني سلخ سنوات الدراسة الجامعية بمصر وهو يتقلد منصب رئيس اتحاد الطلبة الأرتريين ولا عجب! ثم ها هو النظام يقوم بآخر خطواته لتنظيف البلاد من أي شخص شمالي تعود أصوله إلى جنوب السودان، ولو ظل يعيش في الشمال طيلة حياته ولو وُلد هنا، لا لشيء إلا لعدم قدرتهم في تحمل سيمائهم الأفريقيى السوداء، مخالفين في ذلك جميع حقوق الإنسان والقوانين السودانية المنظمة للجنسية ثم اتفاقية نيفاشا التي أعطت هؤلاء الحق في أن يظلوا كشناليين إن أرادوا، وإلاً فليقوموا بتسجيل أسمائهم في سجل المصوّتين في استفتاء جنوب السودان. فمن بين 4 مليون ونصف، قام فقط 160 ألف بتسجيل صوتهم. هؤلاء هم الجنوبيون، وما عداهم فشماليون تعود أصولهم إلى جنوب السودان بمثل ما لدينا شماليون تعود بهم أصولهم إلى جميع دول الجوار، بل ,ابعد من ذلك.

1 comment:

Anonymous said...

المؤسف جدا هي ان نفس الاسباب المزعومة لقيام ثورة الانقاذ ونفس المشكلات مازالت قائمة حتى اليوم,بل واكثر تعقيدا من ما مضى,فالسودان صار سودانين(وان كانت بنفس الوجدان)الوحدة الوطنية صارت مهددة اكثر مما مضى,التعليم صارت متاحة لابناء الاغنياء فقط بفضل سياسات(ثورة التعليم الواطي)اقصد العالي مع تدهور ملحوظ وباين للعيان على كل الاصعدة...لكن برغم الصعاب فالتغيير اتي لا محالة.